على قارعة القلب قصةقصيرة للكاتبة السورية الهام عيسى قراءة نقدية بقلم الناقدة منوبية الغضباني تونس
======= على قارعة القلب ======
الهام غانم عيسى
والتقته.. تحت أنوار خافتة.. بمكان مغلق يضج بأصوات مضطربة..
الموسيقى الصاخبة تبدد تلك الأضواء بلون قزح على هدأتها، تموج فوق ذلك الكرسي الأصم وتتصنع ملء رئتيها الهدوء،
مرتدية فستانها المزركش الذي اشترته في العام الماضي للعيد..
طلب لها فنجان القهوة..
وفيما كانت تمني خاطرها أن يهدأ صخب الضجيج الثائر في داخلها.. قدمت له قلبها يرفل في عطر قارورة جلبتها له تعبيرا عن قبولها لحبه..
ويحدث جدا ان يرمى بها جانبا.. ويُحطم قلبها أمام عينيها.. يعتصرها الألم..
تقف، تجيء، تروح، تجري، كما مريم بنت عمران، بين صفاء فؤادها وارتواء فنجان القهوة الذي ارتشفته..
تتقدم، تقبّل حجرها الأسود.. قلبا يتحرّقُ على ناره المطفأة.. وتدرك أن قلبها لايعادل عنده فنجان قهوة..
وعلى قارعة العقول.. يا.. ما أعدله..!
تعوّد أن يُعدّلُ بالبن مزاجه مع الأخريات..
______________________________________________________
على قارعة القلب
قصّة قصيرة بقلم المبدعة الهام غانم عيسى تؤكد افتتانها بالسّرد والإيقاع
تعتمد فيها على حكاية تستلهم لها أدواتها وفنياتها من كثافة وإلماح وقدرة على تحميل النّص عمقه ومضامينه ..
يجيء العنوان فيها مثيرا ومغريا
على قارعة القلب كما على قارعة الرّصيف أو الطّريق وفي وسطه حيث يكثر المشي فيه …
وقارعة القلب استعارة مجازية بها من التّشكّل الإبداعي ما يدعو للتّمعّن والفهم لما يحدث في قلبها هي
هي حواء التي
“والتقته.. تحت أنوار خافتة.. بمكان مغلق يضج بأصوات مضطربة..
الموسيقى الصاخبة تبدد تلك الأضواء بلون قزح على هدأتها، تموج فوق ذلك الكرسي الأصم وتتصنع ملء رئتيها الهدوء،
مرتدية فستانها المزركش الذي اشترته في العام الماضي للعيد..”
ففي هذا المشطر من القصّة ما ينبئ ما بداخل حواء من احتياجات وجدانيّة وجمالية ترجمتها العبارت والجوّ المفعم الذي رغم صخبه وأصواته المضطربة أضفت عليه من صفاء روحها ما وسمه بالرومانسية والشّاعريّة ..
فستانها المزركش…تموج…تتصنّع الهدوء ملء رئتيها
أما هو.. آدم
فبعد ما “قدمت له قلبها يرفل في عطر قارورة جلبتها له تعبيرا عن قبولها لحبه..”
طلب لها فنجان القهوة..
ويحدث جدا ان يرمى بها جانبا.. ويُحطم قلبها أمام عينيها.. يعتصرها الألم.
فما حبكت القاصّة من المشهدين والموقفين أحدث إزاحة بنائية لايقدر عليها غير متمرّس في فنّ القصّ ..
فمقابل قارورة عطر طلب لها فنجان قهوة ولكلّ هديّة رمزيتها ومعيارها
وتباينهما هي من شواهد القصص المثير الذي يخلق في متلقيها تفاعلا وتأثيرا في نفس المتلقي فلا يلقى آدم الرضى بينما تفور حوّاء به ..
وتجيئ الخاتمة مفعمة قد وفّرت لها القاصّة من دائرة القصص الدّينيّ وهي تلحظ ما سحق حواءها في القصّة بما جعلها مهرولة
“تقف، تجيء، تروح، تجري، كما مريم بنت عمران، بين صفاء فؤادها وارتواء فنجان القهوة الذي ارتشفته.”
فهذا التّشبيه الذي جمع بين مريم بنت عمران وهذه المرأة النقيّة التي تقدّس الحبّ سمح للقصّة بالإنفتاح على تناصّ في طرائق التّشبيه تستهدف مدى صدق حواء وتلاعب آدم بمشاعرها ودنجوانيته المفرطة
قصّة قصيرة متقنة السّرد والحبك تطّرقت فيها القاصة الى مفهوم الحبّ والعلاقة بين المرأة والرّجل هو الصّراع الأزلي بينهما ..فالحبّ ليس هبة تهبط من السّماء بل تحتاج جهداجميلا صادقا من أجل إقتراب نصبح فيه المرأة والرّجل كلاهما ضرورة للآخر..
منوبية الغضباني تونس
Discussion about this post