أعرف أني كنت أُعِدُّ عشائي
ليلةَ عاث رجالٌ في المشتلِ
واندلعَت نارٌ، لا زالت تأكل أكبادَ بناتِ الحيِّ،
فلم يسمع خطواتِ اللاهين خرابًا
غيرُ القُمْريّات.. نَزيلاتِ الشكوى والدمعِ..
تأخّرنَ كثيرًا حتى نعِسَ السرُّ…
سَتَروي إحداهنّ حكايتها،
وتُغرّد في صفحتها:
“كلُّ رجال العالم أوغادٌ”!
أتَردَّد بين مَدى حظوتها من نفسي
وجِنايتِها بالتعميم،
أحاول أن أتفهم موقفَها طبعًا..
هل أنا من هذا العالم، حيث رجالٌ أوغادٌ
يقتحمون خدورَ الحسناواتِ؟!
كأنّ غِيابي عن حفلتهم إقرارٌ بالذنبِ
وما كنتُ سوى مغلوبٍ عن أمري
مُنجَحرٍ في الغفلةِ
لا امرأةٌ تخطر في بالي..
أُحجِمُ عن أن أُرخِصَ للتغريدة
قلبي الغالي..
الآن استوعبتُ
لماذا أَطلَق صيحتَه الشاعرُ:
“لو أني حجرٌ”!
لا ماءٌ يصغي لقوافلهنّ
ويرسم في مجرى الأشجان تمائمَ تملأ أعينَهنَّ
فيجتزن ضفافَ التعميدِ خلالي..
أمواجي السَّكرى، تتكسر غرقاً
أولَ ما تمتد الأطواقُ..
وكنّ يراوِغن مع الريح المخذولةِ بحرَ وصالي..
أعتى مِن ظَمَأ الحلواتِ
نشيدُ الماءِ الحجَريِّ العالي!
أتَرَدَّى مِن جَبل “أحبكِ”
مهدورًا كنثار اللؤلؤِ؛
لكني أنجو رغم التكرارِ.. أَضِنُّ على السفح بِذرّاتي،
أصّاعد نحوَ القَمَر المُرِّ
لأحصيَ إيقاعاتِ “أحبكِ” في الدرب
ذهاباً وإيابًا!
لا أدري ماذا تبتكرين الآن، بعيداً عن أفكاري!
أتَساءل:
هل عادت من إحدى جلسات “الليزر”
ظافرةً بكمال أنوثتها؟!
رغم صفاء المعنى،
يتكاثف كاللغز ضبابُ القطن الأزرقِ في بالي.
كاوٍ كونُكِ فاتحةَ الموّالِ
أصداء الكعب العالي
في صَمت اللحظةِ…
تتقاطر… ثَمّ رخامٌ أعمى
يتلفَّتُّ بين نواحي الإصغاءِ
كأنّ البهوَ حياةٌ كاملةٌ تجتاز مراحلها امرأةٌ
كانت مِثلي؛
لم تُسدِل للريح نوافذَها
قبلَ اليومِ التالي..
عبد المنعم الحسن
Discussion about this post