((قادِمٌ بلا قصيدة )) بقلم الشاعر احمد محمود حسن
طرَّزتُ حُبِّي للسُّهولِ قصائِدا
وضفرتُ شوقي للجبالِ قلائِدا
وزرعتُ قلبي في تُرابِكُمُ هوىً
يُبقي الحياةَ لكُم وأُقْفِلُ عائِدا
قد جئتُ تصحَبُني وُفُودُ محبَّتي
فقدِمتُ آلافاً وأرجِعُ واحِدا
اليومَ أزرعُ في ثَرَاكُمْ حِنطتي
وغداً ستُرجِعُني المَواسِمُ حاصِدا
وستملأ السَّهلَ الفسيحَ بيادري
كَرَماً – تردُّ على وفائي – زائدا
أنا صاخِبٌ حُبَّاً كماءِ فُراتِكُم
والحُبُّ مَن يُعطي الفراتَ روافِدا
لا تسألوني عن مصاعِبَ رحلتي
فلطالما جِئْتُ الجزيرةَ وافِدا
حُمِّلْتُ من بحرِ السَّلامِ مُويجَةً
ومِنَ الجبالِ الحالماتِ مَشاهِدا
وأتيتُ مشدوداً بحبلِ مودَّةٍ
وإليكُمُ خُضتُ الصِّعابَ مُعانِدا
قد كان لي قمرٌ كَسَرتُ زُجاجَهُ
وتركتُهُ ينداحُ نُوراً بارِدا
فَلَعَلَّهُ يجري بنسغِ حُقولِكُمْ
صَيفاً ،
ويُشعِلُ في الشِّتاءِ مَواقِدا
إِنْ كُنتُ بينَ الشُّعراءِ آخِرَ قادِمٍ
فَلِكُلِّ مَن سَبَقوا سأَصبِحُ حاسِدا
أَنْ بلَّغوا قبلي السَّلامَ ولم أكُنْ
لأبثَّكُمْ هذا الهوى مُتَواجِدا
•
بيني وبينكُمُ :
كتبتُ قصيدةً
كانَتْ ستُرجِعُ للصَّبابةِ زاهِدا
أنا في الطَّريقِ فَلَشْتُ بيدرَ عِطرِها
والباصُ يملأُ بالجَمالِ مَقَاعِدا
ولأنَّها فاحَتْ بعِطرِ محبَّتي
فلربما استرعَتْ غزالاً شارِدا
وإذا يدٌ ألقَتْ عليَّ بسِحرِها
قد أيقظَتْ حُلُماً بروحي راقِدا
وسَمِعتُ مِن خلفي كلاماً ساحِراً
فحسِبتُ هاروتاً ورائي راصِدا
وشَعَرْتُ أنفاساً يُردِّدُها الهوى
لكأنَّ قلباً في غرامي واجِدا
هل كنتُ نفسي في سَحَابةِ حالِمٍ
أو حِينَها قَدْ كُنْتُ رُشدي فاقِدا
حلَّقتُ فوقَ الباصِ حُلْمَاً كامِلاً
إذْ كانَ بي شَرْقَ الجزيرةِ قاصِدا
وإذِ انتبهتُ إلى القصيدةِ لم أجِدْ
حَرْفاً ،
وفتَّشتُ الصَّحَائِفَ جاهِدا
ناديتُ :
قد سُرِقَتْ حروفُ قصيدتي
قد كنتُ فيها المِهرجانَ مُواعِدا
كانَت معي ،
من لحظتينِ قرأتُها ،
ابْتسَمَ الغزالُ ،
أَمِلْتُ صَيفاً واعِدا
قالوا : تَشُكُّ ؟
فقلتُ :
لا .. أبداً ،
أنا أهديتُها مَنْ راحَ قلبي صائِدا
أنا في الطَّريقِ إليكُمُ ضَيَّعتُها
لا تسألوني ،
لستُ أملُكُ شاهِدا
نَفَرَ الغزالُ ،
الباصُ غيَّرَ خَطَّهُ ،
أوْ تحسبوا أنِّي أتيتُ مُزاوِدا
لولا غزالٌ في الجزيرةِ عاقَنِي
مُتعَمِّداً حَبْسِي لديهِ ،
وعامِدا
قَبْلَ الجميعِ وَصَلْتُ حَبْلَ لقائِكُمْ
ونثَرْتُ زَهْرَ الياسَمينِ قصائِدا .
.
Discussion about this post